كتاب "معاً على الطريق" هو أحد أشهر كتب المفكر الراحل "خالد
محمد خالد"، كتاب حاز شهرته من عظمة فكرته وبساطة شرحه واعتدال مضمونه، كتاب يصلح للقراءة في كل وقت وزمان، كدعوة للحب والعدل والخير والعمل
والحياة، والتأسّي بحياة اثنين هما من أعظم من أنجبتهم البشرية على
الإطلاق، المسيح "عيسى بن مريم"، ورسول الله "محمد"، عليهما صلوات الله
وتسليمه.
كتاب يقول لدعاة الفـُرقة بين أبناء الأديان وبين أبناء
الوطن الواحد، أن اصمتوا للأبد، ليس لأفكاركم أصل ولا لوجودها داعٍ؛ فهاهما
القائدان العظيمان يشيران للطريق ذاته ويدعوان للمعاني نفسها؛ لأنهما رأيا
نفس النور وشرِبَا من نفس النبع؛ فلماذا الفـُرقة والطريق واحد؟!
************************
الهداية تُرسل سفائنها
قبل آلاف السنين جاء العديد من الموحّدين والباحثين عن الحقيقة، من ضمنهم "إخناتون" الذي دعا إلى توحيد الإله، مناجياً إياه:
"أنت جميل، وعظيم، ومتلألئ، ومشرق فوق كل أرض، وأشعتك تحيط بالأرضين حتى نهاية جميع مخلوقاتك".
وكان يقول لأتباعه: "إن الصدق جميل، وقيمته خالدة".
وتحت
سفوح جبال الهملايا كان "بوذا" -الشاب الغني المرفَّه- الذي رأى مجموعة من
المحرومين؛ فَصَحَت داخله مشاعر الإيثار والمحبة؛ فزهد الحياة ووزّع ثروته
على الفقراء ودعا في الناس: "أيها الناس، انبذوا الأنانية"، وكان يهتف
بالإيثار وخدمة الآخرين، وهو لا يعتبر نفسه مسئولاً عن أن يعرف كثيراً عن
سرّ الإله، بل هو مسئول عن أن يعرف كل شيء عن بؤس الإنسان".
وفي نفس
الزمان كان هناك في الصين فيلسوفها العظيم "كونفشيوس" القائل: "حياتي هي
صلاتي"، والذي حصر مجهوده في تجديد حياة الناس، وضبط سلوكهم، وخرج على
الناس بتعاليم كل غرضها خلق "الرجل الجنتلمان"، الرجل الأنيق النظيف في
تصرفاته، وفي حركاته، في طريقة أكله، وفي طريقة سيره، ونومه، وفي طريقة
حديثه.
ولم تتوقف الإنسانية عن إهداء العالم بالمنوّرين الأتقياء
ممن منحوا العالم أفكاراً جددت دماءه ونورت ظلمته أمثال: "هيجل"،
و"إسبينوزا"، و"ابن رشد"، و"الفارابي"، و"ابن سينا"، و"شكسبير"، و"المعري"،
و"كوبرنيكس"، و"جاليليو"، و"نيوتن".
ولكن ليس جميلاً أن يفتننا روح العصر بالبعد عن الإيمان بالغيب إلى الاقتصار على كل ما هو مادي محسوس.
وهنا
تتجلى رحمة الله ببني الإنسان أن أرسل لهم جميعاً أخوين حميدين، جاءا
لتلخيص دعوة الخير كلها، وأعطياها إطارها الديني، وتعبيرها النهائي..
"عيسى" ابن الإنسان، و"محمد" رحمة الله للعالمين.
أما "عيسى"
فسيلخّص لنا كل فسلفات المحبة ودياناتها ورؤاها، ثم يمنحنا إياها، وأما
"محمد" فسينفض عن الإنسان آخر أغلال التبعية والخضوع، ويعلن في شمول واعٍ
حقيقة التوحيد. وهكذا تتلقى البشرية منهما آخر دروس إعدادها، وتتسلم وثيقة
رشدها، لتمضي بعد هذا في طريق الحياة شجاعة مبصرة. تجربة الوحي في قلبها،
ونور العقل في رأسها، والله من قبل ومن بعد يعينها ويهديها.
************************
المسيح "عيسى ابن مريم"
كانت
فلسطين أرضاً يتحمل شعبها أذى وعذاباً بالغاً من المحتلين الرومان، من
تعذيب وجباية أراضي وضرائب واستعباد؛ مما جعلهم في شوق لظهور مُخلـّص بين
لحظة وأخرى.
وكانت عقيدة اليهود آنذاك قد تغلّبت عليها طقوس وتقاليد
جامدة خالية من الروح الحقة للتوحيد؛ فكان التمسك بيوم السبت كيوم
للبطالة، حتى إن آباءهم قد تركوا أورشليم تسقط ذات يوم في أيدي الأعداء
لأنهم كانوا يوم سبت.
كما أنهم كانوا يعتقدون أنهم شعب الله
المختار، ويرون أنفسهم مميزون عن باقي البشر، زاعمين أن الله قد وعد أباهم
إبراهيم مُلكاً عظيماً يحكمون من خلاله الأرض ومن عليها.. وهم يتاجرون
بالربا ويحتكرون الثروة ويثقلون كاهل الفقراء والمعوزين بالاستغلال والبغي،
حتى إنهم بلغوا بغرورهم ما جعلهم يقولون -حاشا لله- "إن الله فقير ونحن
أغنياء"، وقتلوا الأنبياء والمرسلين.
يأخذنا الكاتب عبر رحلة
"المسيح" عليه السلام، لتخليص العالم من كل هذا الظلم، ولنشر الحب والعدل
فيه، لنبدأ المشهد بنبي الله "يحيى" عليه السلام؛ الرجل المتبتل الأشعث
الأغبر الذي يرتدي ثوباً من الصوف، ويعيش على عسل النحل وعلى الجراد الجاف.
كان يساعد الناس على التوبة ويندد بنفاق الكهنة، وجهر بين الناس برسالته:
"توبوا.. لأنه قد اقترب ملكوت السموات".
وطار بين البلاد نبؤه،
وكثر سعي الوافدة إليه. ويَعرف "عيسى" عليه السلام بأمره، ويتهلل كلما سمع
خبراً عنه. ويشد "المسيح" رحاله مع أول قافلة لرؤية سيدنا "يحيى" الذي كان
يسكن بعيداً عن أورشليم.. وهناك يسأل الناس سيدنا "يحيى": "هل أنت "المسيح"
الذي بُشّر بمجيئه؟"
فيردّ سيدنا "يحيى" بحسم وسرعة:
"لست أنا المسيح.. أنا أعمّدكم بماء؛ ولكن يأتي من هو أقوى مني، من لست أهلاً لأن أحل سيور حذائه".
وحين
يتقدم "المسيح" إليه طالباً منه أن يعمّده بماء، ينظر سيدنا "يحيى" إليه
نظرة غريبة قائلاً: "أنا محتاج أن أتعمد منك، وأنت تأتي إليّ"!.
وبعد
وقت ليس بطويل يأتي جنود الرومان ليعتقلوا سيدنا "يحيى"، ويعود "المسيح"
إلى الناصرة بروح غير التي غادرها بها، لا تشغله حرفته التي يكسب منها عيشه
فـ"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"؛ وإنما يشغله ذلك الدور الجديد الذي
يُحس أنه دُعي لأدائه. وفوق مكانٍ عالٍ في بيت لحم وقف يبلغ الناس أولى
كلمات الحق:
"قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله، فتوبوا، وآمنوا بالبشرى".
"محمد" رسول الله
بعد
ميلاد "المسيح" بقرابة خمسمائة وسبعين عاماً جاء إلى الوجود أعظم أبنائه
شأناً وأكثرهم براً وأهداهم سبيلاً؛ "محمد" صلى الله عليه وسلم.
كان
العرب متناثرين في الجزيرة العربية، في حياة اجتماعية جامدة ثابتة لا
تتغير. وفي مكة (أم القرى) كانت الكعبة (قبلة العرب) للحج تزاحمت حولها
الأصنام التي عبدها الناس كبيرهم وصغيرهم.. وكانت الجزيرة العربية محاصرة
من الشمال والجنوب بقوتين هما الأكبر وقتها: الفرس والروم.
ورغم بدائية الحياة وبداوتها مارس العرب حياة أدبية رفيعة تتمثل في الشعراء الذين بهروا الأسماع وراعوا الأنظار.
وكان
هناك من أهل العلم من ينتظر قدوم النبي المنتظر، يكمل الله دينه على أيدي
هذا النبي، ويولد في مكة طفل يتيم تغادر أمه الدنيا وهو في السادسة من عمره
غضاً وحيداً.. ويشبّ الطفل الذي يتفكر طويلاً في تلك الحجارة التي يعبدها
قومه، ويتفكر كثيراً وينعزل عن الناس، ويشهد له الجميع بالأمانة ورجاحة
العقل وعظمة النهج واستقامة الضمير.
الناس يعكفون على أصنام لهم، أما هو فشيء في روعه يقول له "قف"...
الناس يلعبون الميسر ويظلمون الأرملة ويأكلون مال اليتيم، أما هو فشيء في روعه يقول له: "ارجع"...
الناس يعيشون بالوراثة والمحاكاة، شعارهم "إنّا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"، أما هو فشيء في روعه يقول له: "فكّر"...
إلى
أن يأذن الله له بحمل أعظم رسالة، متكبّداً في سبيلها وأصحابه كل تضحية
وبذل وعناء تاركين للإنسانية أعظم الدروس والعِبر، إلى أن أعزّ الله دينه
وأظهره على الدين كله.
وفي طريق كل من "المسيح" و"محمد" أغراض
وأهداف سعياً لتحقيقها، ولم يكن ما سعيا إليه مجرد شعائر ومناسك وعبادات؛
فكانت رسالتهما الأكبر هي إنهاض الإنسان وازهار الحياة
.
لقد جاء "المسيح" ومثله رسول الله "محمد" كل منهما لينيرا الطريق للعالم كله..
فـ"المسيح" يقول:
"لقد جئت لأخلّص العالم".
ومحمد يقول:
"إن الله أرسلني للناس كافة، وأرسلني رحمة للعالمين".
وهو ما حدث؛ إذ تنتشر الديانتان المسيحية والإسلام اليوم في كل الأرض.
معاً من أجل الإنسان
الإنسان
بكل صفاته وتناقضاته وعظمة أمانته وأحواله، كيف تراءى لـ"محمد" و"المسيح"،
وما نوع الواجبات التي حملاها تجاهه، ما الأغلال التي حطماها عنه؟ ما
الانتصارات التي حققاها له؟
أول ما يبهرنا في عنايتهما بالإنسان؛ ذلك الترديد الممعن لاسمه، والحفاوة الصادقة به؛ فـ"المسيح" ينعت نفسه بأنه "ابن الإنسان":
"إن ابن الإنسان لم يأتِ ليهلك أنفس الناس؛ بل ليُخلـّص"..
ويتحدث القرآن الكريم عن الإنسان فيعطيه صفته الحقة كمحور لنشاط النبي وموضوع لرسالته:
{لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}
{إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان}.
************************
تحرير الروح
ثم
إنهما لم يهتمّا بشيء مثل اهتمامهما بأن يحررا البسطاء من غفلتهم
وسذاجتهم، ويحررا الذكاء الإنساني من الرؤى المغلوطة والأساطير الموروثة.
فقد
رفض الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم رفضاً قاطعاً تفسير الناس لكسوف
الشمس يوم مات "إبراهيم" ابن الرسول؛ فقالوا إنها كسفت لموت "إبراهيم"؛ فرد
عليهم بقوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد
ولا لحياته"، وللمسيح عليه السلام الكثير من المواقف المشابهة كذلك.
حق المعاش وحق الضمير
ووضع
الرسول جملة حقوق الناس البسطاء في حقــّين أساسيين ألا وهما: حق المعاش،
وحق الضمير؛ فحق المعاش هو تحقيق كافة الظروف الاقتصادية التي تهيئ للإنسان
حياة عادلة رغيدة، وحماية الإنسان من الاستغلال والنهب.
يقول
المسيح: "الذين يأكلون بيوت الأرامل، ولعِلَّة يطيلون الصلاة، والذين
يظلمون الفعلة والحصادين؛ بينما صياحهم قد وصل إلى رب الجنود".
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: "أعطوا الأجير أجره، قبل أن يجف عرقه".
وكان
من أشد الأفعال إغضاباً له -عليه الصلاة والسلام- استحلال أموال الناس
بالباطل؛ فقد كان يتسامح مع الكثير من الذنوب والأفعال إلا هذه.
أما
حق الضمير؛ فيعني بالضمير هنا "الإنسان في وجوده الحقيقي"؛ فـ"المسيح"
كافح كثيراً لتخليص الضمير الإنساني من وصاية الكهّان، الذين كانوا يتقاضون
الأجور لمنح السكينة والطمأنينة وإعطاء الحريات للناس الأحرار أصلاً. كل
شيء بثمن حتى البركة.
فتجمّد الضمير لحساب أهواء وتقاليد وطقوس لا
تسمح له بمناقشتها ولا باستحسان غيرها؛ حتى لو كانت خيراً منها.. ويرضخ تحت
وصاية غبية يقيمها حراس هذه التقاليد وسدنتها..
وهكذا عاش الضمير
في كبت قاتل لا يملك حق المعارضة ولا حق التعبير عن نفسه.. ولم يكن الأمر
يختلف كثيراً في مكة وباقي الأرض قبل بعثة الرسول "محمد" صلى الله عليه
وسلم.
من كان منكم بلا خطيئة
تأتي
الخاطئة إلى "المسيح" يزفّها الكهنة والجلادون؛ فيلقي عليها نظرة يلمح
فيها الضعف الإنساني الكامن في كل منّا، ثم يرفع بصره إلى أولئك القُساة،
وقد أمسكوا بالحجارة الحادة تأهباً لرجمها؛ فيقول لهم كلمته المأثورة: "من
كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".
فاحتواهم ذهول وخزي، وتمثلت لهم
خطاياهم، و"المسيح" بهذا لا يُبيح الإثم؛ بل يعلّمنا أن الخطيئة نفسها جزء
من الأغلال التي يرسف فيها وجودنا، وعلينا ونحن نحررها أن نفطمها عن
نزواتها.
"ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله، وأهلك نفسه أو خسرها."
أما
معركته ضد العنصرية؛ فقد كانت من أكبر المعارك التي خاضها خصيصاً ضد
اليهود الذين ادّعوا تفوّقاً على الناس، وأنهم شعب الله المختار؛ فالإنسان
هو الإنسان لا قيمة لاختلاف اللون واللغة والأصل؛ فالناس جميعاً لدى
"المسيح" إخوة ضعاف يستحقّون العون وبذل ذات اليد والنفس.
هلا شققت عن قلبه
وذات
يوم يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه، مستأذناً في طرد واحد
يعتقد أنه منافق يتظاهر بالإسلام ليؤذي المسلمين، ويخفي في نفسه شراً
عارضاً على الرسول طرد ذاك الرجل؛ فيسأل الرسول صاحبه: "هلا شققت عن
قلبه؟!".
ويُكمل الرسول: "إن الله لم يأمرني أن أشقّ صدور الناس
لأرى ما فيها"؛ فللضمير في شريعة "محمد" حرمة وحرية.. ويجهز الرسول صلى
الله عليه وسلم على الوصاية على الضمير البشري بإعلانه أن ليس لأحد وساطة
بين العبدِ وربِّه؛ لأنه ليس أحد أحق بالوساطة من أحد، ولأنه لا فضل لعربي
على أعجمي إلا بالتقوى.
ثم إنه يركّز المسئولية في يد الضمير: {إن
الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.. {من اهتدى فإنما يهتدي
لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها}.. {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
ويتعاطف
الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأخطاء الإنسانية الطبيعية مثلما فعل أخوه
"عيسى" من قبل؛ حتى إنه يقول: "والذي نفسي بيده لو لم تُذنبوا لذهب الله
بكم، ولجاء بآخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم"، فـ"كل بني آدم خطّاء"،
{ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر اللهَ يجد اللهَ غفوراً رحيماً}.
ويقظة
الضمير تحتاج إلى فكر وتأمّل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يكونن
أحدُكم إمَّعة، يقول: إذا أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت".
ولأن
حياة الضمير تحتاج إلى رؤية ووعي ويقظة؛ فإن الرسول طالما أوصى بهذا؛ فذكر
عن ربه: "سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق"، وقال: "تفكُّر ساعة خيرٌ
من عبادة سنة".
معاً من أجل الحياة
رسالة
"محمد" و"المسيح" ورسالة كل الأنبياء والمرسلين هي رسالة حياة.. حياة تعني
وجوداً حقيقياً وعادلاً لبني الإنسان. ووجودنا الحقيقي يبدأ من ممارسة
العلاقات الصحيحة مع كل ما حولنا. ولقد كان اكتشاف هذه العلاقات أكثر ما
عاش له وعمل في سبيله "محمد" و"المسيح".
السر في الحب
والحب
في رسالة "محمد" و"عيسى" هو أوثق أشكال علاقتنا بالحياة، وهو الذي ينتصر
في النهاية رغم كل التناقضات التي تملأ قوانين حياتنا؛ فهذه طبيعتنا، وهو
الذي يُكَفَّر به الخطايا، ويعود به العبدُ التائبُ إلى ربه، وتتصل به
الناس بعد قطيعة. ويوصينا الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم قائلاً: "إذا
أحب أحدُكم أخاه فليخبره أنه يحبه".
أن نعيش الصدق
والصدق
يمثل العلاقة الثانية التي نرتبط بها مع الحياة، ومكان الصدق من الحب
جِدُّ قريب؛ فنحن نكذب حين نخاف، ومع الحب لا يوجد خوف، وبالتالي لا يوجد
كذب؛ فالصدق ليس قول الحق وحسب؛ بل أن نعيش الحق نفسه كعلاقة تربطنا
بالحياة، وهو يعني تحرير أنفسنا من كل ما يجعلها تحيا حياة زائفة مزورة.
ولقد علّمنا هذا "محمد" و"المسيح" عندما شنـّا على الرياء هجوماً عنيفاً، وأخبر الرسول أن "ذا الوجهين، يُدعى عند الله كذاباً".
"وقل اعملوا"
وعلاقة
أخرى من علاقاتنا بالحياة.. إنها العمل.. فالحياة بغير عمل تفقد ذاتها؛
فهي عمل مستمر وصاعد، وحركة أزلية وأبدية خالدة، المياه الجارية، الرياح
السارية، الأشجار والأزهار؛ حتى الجمادات، كل ما في الكون يزاول حركة دائبة
ونشاطاً موصولاً؛ ولكن العمل قد ينحرف فيفقد مزيته وقيمته.
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"
هكذا كان بر "محمد" و"المسيح" بالحياة، ولقد عاشا حياة مترعة بالحب والصدق والعمل.
سلامٌ عليهما
وإنه
لمن الضروري أيضاً أن نبصر موقفهما من السلام وكيف أراداه، وعلى أي صورة
تمثلاه.. معظم الحروب كان لها منطق يبررها ويمنحها المشروعية، باسم الدفاع
عن الأديان، وباسم الحرية وحماية حقوق الإنسان وأشياء أخرى كثيرة.
ولنفهم
موقف كلٍ من "المسيح" و"محمد" من السلام، يجب أن نتأمل أولاً كونهما كانا
مثالاً للرحمة والمسالمة طوال حياتهما، فـ"المسيح" يبشر الودعاء بوراثة
الأرض: "طوبى للوُدَعَاء لأنهم يرثون الأرض".
ويقول أيضاً: "إذا سمعتم بحروب وقلاقل فلا تجزعوا.. لأنه لا بد أن يكون هذا أولاً.. ولكن لا يكون المنتهى سريعاً".
أما موقف "محمد" فهو ذاته موقف "المسيح" في تفضيل السلم والسعي له والنهي عن تكديره.
"من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"
فالحياة
كلٌّ لا يتجزّأ، وأي عدوان على جزء منها هو عدوان عليها جميعاً، ويُسأل
"محمد" عن أفضل الأعمال فيجيب: "بذل السلام للعالم"، ويقول أيضاً: "والذي
نفسي بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا.. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟
أفشوا السلام بينكم".
ولقد كان يأمر أصحابه قبل كل معركة:
"لا
تقتلوا امرأة، ولا شيخاً، ولا وليداً، ولا تحرقوا زرعاً، ولا نخيلاً، ولا
تنهبوا، ولا تمثّلوا بأحد، واجتنبوا الوجوه لا تضربوها".
ولا تزال الدنيا تجد سكينة وأمناً في كلمات المسيح: "سلاماً أترك لكم"، وفي كلمات "محمد".. "كونوا عباد الله إخواناً".
بُشرى إليكم
لقد
أقسم رسول الله "محمد" أن "المسيح" عائد ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ونحن
نؤمن بصدقه، ونؤمن بأن عودة "المسيح" هذه تعني انتصار القيم التي كان
"المسيح" يمثلها، والتي قهر بها الرسول عالم الوثنية والظلام؛ تعني انتصار
الإنسان، وانتصار الحياة تعني سيادة الحب وسيادة السلام.
هذا هو روح العصر الذي يبشّرنا "محمد" بمجيئه، والذي نرقبه صابرين واثقين عاملين.
عصر يتفوق فيه الإيثار والحب ويحمل الناس فيه مسئولية وعيهم وأمانهم ورخائهم..
والواجب الذي سنذكره دوماً كلما ذكرنا "المسيح" و"محمدا" -عليهما السلامً- هو:
• أن نجعل لوجودنا الإنساني حقيقة ومعنى.
• وأن نخصّ الإنسان والحياة بالنصيب الأوفى من تبعات رشدنا.
• وأن يكون سبيلنا لهذا، الحق القوي والمحبة اليقظى.
"محمد" رسول الله
بعد
ميلاد "المسيح" بقرابة خمسمائة وسبعين عاماً جاء إلى الوجود أعظم أبنائه
شأناً وأكثرهم براً وأهداهم سبيلاً؛ "محمد" صلى الله عليه وسلم.
كان
العرب متناثرين في الجزيرة العربية، في حياة اجتماعية جامدة ثابتة لا
تتغير. وفي مكة (أم القرى) كانت الكعبة (قبلة العرب) للحج تزاحمت حولها
الأصنام التي عبدها الناس كبيرهم وصغيرهم.. وكانت الجزيرة العربية محاصرة
من الشمال والجنوب بقوتين هما الأكبر وقتها: الفرس والروم.
ورغم بدائية الحياة وبداوتها مارس العرب حياة أدبية رفيعة تتمثل في الشعراء الذين بهروا الأسماع وراعوا الأنظار.
وكان
هناك من أهل العلم من ينتظر قدوم النبي المنتظر، يكمل الله دينه على أيدي
هذا النبي، ويولد في مكة طفل يتيم تغادر أمه الدنيا وهو في السادسة من عمره
غضاً وحيداً.. ويشبّ الطفل الذي يتفكر طويلاً في تلك الحجارة التي يعبدها
قومه، ويتفكر كثيراً وينعزل عن الناس، ويشهد له الجميع بالأمانة ورجاحة
العقل وعظمة النهج واستقامة الضمير.
الناس يعكفون على أصنام لهم، أما هو فشيء في روعه يقول له "قف"...
الناس يلعبون الميسر ويظلمون الأرملة ويأكلون مال اليتيم، أما هو فشيء في روعه يقول له: "ارجع"...
الناس يعيشون بالوراثة والمحاكاة، شعارهم "إنّا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"، أما هو فشيء في روعه يقول له: "فكّر"...
إلى
أن يأذن الله له بحمل أعظم رسالة، متكبّداً في سبيلها وأصحابه كل تضحية
وبذل وعناء تاركين للإنسانية أعظم الدروس والعِبر، إلى أن أعزّ الله دينه
وأظهره على الدين كله.
وفي طريق كل من "المسيح" و"محمد" أغراض
وأهداف سعياً لتحقيقها، ولم يكن ما سعيا إليه مجرد شعائر ومناسك وعبادات؛
فكانت رسالتهما الأكبر هي إنهاض الإنسان وازهار الحياة
.
لقد جاء "المسيح" ومثله رسول الله "محمد" كل منهما لينيرا الطريق للعالم كله..
فـ"المسيح" يقول:
"لقد جئت لأخلّص العالم".
ومحمد يقول:
"إن الله أرسلني للناس كافة، وأرسلني رحمة للعالمين".
وهو ما حدث؛ إذ تنتشر الديانتان المسيحية والإسلام اليوم في كل الأرض.
معاً من أجل الإنسان
الإنسان
بكل صفاته وتناقضاته وعظمة أمانته وأحواله، كيف تراءى لـ"محمد" و"المسيح"،
وما نوع الواجبات التي حملاها تجاهه، ما الأغلال التي حطماها عنه؟ ما
الانتصارات التي حققاها له؟
أول ما يبهرنا في عنايتهما بالإنسان؛ ذلك الترديد الممعن لاسمه، والحفاوة الصادقة به؛ فـ"المسيح" ينعت نفسه بأنه "ابن الإنسان":
"إن ابن الإنسان لم يأتِ ليهلك أنفس الناس؛ بل ليُخلـّص"..
ويتحدث القرآن الكريم عن الإنسان فيعطيه صفته الحقة كمحور لنشاط النبي وموضوع لرسالته:
{لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}
{إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان}.
************************
تحرير الروح
ثم
إنهما لم يهتمّا بشيء مثل اهتمامهما بأن يحررا البسطاء من غفلتهم
وسذاجتهم، ويحررا الذكاء الإنساني من الرؤى المغلوطة والأساطير الموروثة.
فقد
رفض الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم رفضاً قاطعاً تفسير الناس لكسوف
الشمس يوم مات "إبراهيم" ابن الرسول؛ فقالوا إنها كسفت لموت "إبراهيم"؛ فرد
عليهم بقوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد
ولا لحياته"، وللمسيح عليه السلام الكثير من المواقف المشابهة كذلك.
حق المعاش وحق الضمير
ووضع
الرسول جملة حقوق الناس البسطاء في حقــّين أساسيين ألا وهما: حق المعاش،
وحق الضمير؛ فحق المعاش هو تحقيق كافة الظروف الاقتصادية التي تهيئ للإنسان
حياة عادلة رغيدة، وحماية الإنسان من الاستغلال والنهب.
يقول
المسيح: "الذين يأكلون بيوت الأرامل، ولعِلَّة يطيلون الصلاة، والذين
يظلمون الفعلة والحصادين؛ بينما صياحهم قد وصل إلى رب الجنود".
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: "أعطوا الأجير أجره، قبل أن يجف عرقه".
وكان
من أشد الأفعال إغضاباً له -عليه الصلاة والسلام- استحلال أموال الناس
بالباطل؛ فقد كان يتسامح مع الكثير من الذنوب والأفعال إلا هذه.
أما
حق الضمير؛ فيعني بالضمير هنا "الإنسان في وجوده الحقيقي"؛ فـ"المسيح"
كافح كثيراً لتخليص الضمير الإنساني من وصاية الكهّان، الذين كانوا يتقاضون
الأجور لمنح السكينة والطمأنينة وإعطاء الحريات للناس الأحرار أصلاً. كل
شيء بثمن حتى البركة.
فتجمّد الضمير لحساب أهواء وتقاليد وطقوس لا
تسمح له بمناقشتها ولا باستحسان غيرها؛ حتى لو كانت خيراً منها.. ويرضخ تحت
وصاية غبية يقيمها حراس هذه التقاليد وسدنتها..
وهكذا عاش الضمير
في كبت قاتل لا يملك حق المعارضة ولا حق التعبير عن نفسه.. ولم يكن الأمر
يختلف كثيراً في مكة وباقي الأرض قبل بعثة الرسول "محمد" صلى الله عليه
وسلم.
من كان منكم بلا خطيئة
تأتي
الخاطئة إلى "المسيح" يزفّها الكهنة والجلادون؛ فيلقي عليها نظرة يلمح
فيها الضعف الإنساني الكامن في كل منّا، ثم يرفع بصره إلى أولئك القُساة،
وقد أمسكوا بالحجارة الحادة تأهباً لرجمها؛ فيقول لهم كلمته المأثورة: "من
كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".
فاحتواهم ذهول وخزي، وتمثلت لهم
خطاياهم، و"المسيح" بهذا لا يُبيح الإثم؛ بل يعلّمنا أن الخطيئة نفسها جزء
من الأغلال التي يرسف فيها وجودنا، وعلينا ونحن نحررها أن نفطمها عن
نزواتها.
"ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله، وأهلك نفسه أو خسرها."
أما
معركته ضد العنصرية؛ فقد كانت من أكبر المعارك التي خاضها خصيصاً ضد
اليهود الذين ادّعوا تفوّقاً على الناس، وأنهم شعب الله المختار؛ فالإنسان
هو الإنسان لا قيمة لاختلاف اللون واللغة والأصل؛ فالناس جميعاً لدى
"المسيح" إخوة ضعاف يستحقّون العون وبذل ذات اليد والنفس.
هلا شققت عن قلبه
وذات
يوم يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه، مستأذناً في طرد واحد
يعتقد أنه منافق يتظاهر بالإسلام ليؤذي المسلمين، ويخفي في نفسه شراً
عارضاً على الرسول طرد ذاك الرجل؛ فيسأل الرسول صاحبه: "هلا شققت عن
قلبه؟!".
ويُكمل الرسول: "إن الله لم يأمرني أن أشقّ صدور الناس
لأرى ما فيها"؛ فللضمير في شريعة "محمد" حرمة وحرية.. ويجهز الرسول صلى
الله عليه وسلم على الوصاية على الضمير البشري بإعلانه أن ليس لأحد وساطة
بين العبدِ وربِّه؛ لأنه ليس أحد أحق بالوساطة من أحد، ولأنه لا فضل لعربي
على أعجمي إلا بالتقوى.
ثم إنه يركّز المسئولية في يد الضمير: {إن
الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.. {من اهتدى فإنما يهتدي
لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها}.. {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
ويتعاطف
الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأخطاء الإنسانية الطبيعية مثلما فعل أخوه
"عيسى" من قبل؛ حتى إنه يقول: "والذي نفسي بيده لو لم تُذنبوا لذهب الله
بكم، ولجاء بآخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم"، فـ"كل بني آدم خطّاء"،
{ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر اللهَ يجد اللهَ غفوراً رحيماً}.
ويقظة
الضمير تحتاج إلى فكر وتأمّل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يكونن
أحدُكم إمَّعة، يقول: إذا أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت".
ولأن
حياة الضمير تحتاج إلى رؤية ووعي ويقظة؛ فإن الرسول طالما أوصى بهذا؛ فذكر
عن ربه: "سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق"، وقال: "تفكُّر ساعة خيرٌ
من عبادة سنة".
معاً من أجل الحياة
رسالة
"محمد" و"المسيح" ورسالة كل الأنبياء والمرسلين هي رسالة حياة.. حياة تعني
وجوداً حقيقياً وعادلاً لبني الإنسان. ووجودنا الحقيقي يبدأ من ممارسة
العلاقات الصحيحة مع كل ما حولنا. ولقد كان اكتشاف هذه العلاقات أكثر ما
عاش له وعمل في سبيله "محمد" و"المسيح".
السر في الحب
والحب
في رسالة "محمد" و"عيسى" هو أوثق أشكال علاقتنا بالحياة، وهو الذي ينتصر
في النهاية رغم كل التناقضات التي تملأ قوانين حياتنا؛ فهذه طبيعتنا، وهو
الذي يُكَفَّر به الخطايا، ويعود به العبدُ التائبُ إلى ربه، وتتصل به
الناس بعد قطيعة. ويوصينا الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم قائلاً: "إذا
أحب أحدُكم أخاه فليخبره أنه يحبه".
أن نعيش الصدق
والصدق
يمثل العلاقة الثانية التي نرتبط بها مع الحياة، ومكان الصدق من الحب
جِدُّ قريب؛ فنحن نكذب حين نخاف، ومع الحب لا يوجد خوف، وبالتالي لا يوجد
كذب؛ فالصدق ليس قول الحق وحسب؛ بل أن نعيش الحق نفسه كعلاقة تربطنا
بالحياة، وهو يعني تحرير أنفسنا من كل ما يجعلها تحيا حياة زائفة مزورة.
ولقد علّمنا هذا "محمد" و"المسيح" عندما شنـّا على الرياء هجوماً عنيفاً، وأخبر الرسول أن "ذا الوجهين، يُدعى عند الله كذاباً".
"وقل اعملوا"
وعلاقة
أخرى من علاقاتنا بالحياة.. إنها العمل.. فالحياة بغير عمل تفقد ذاتها؛
فهي عمل مستمر وصاعد، وحركة أزلية وأبدية خالدة، المياه الجارية، الرياح
السارية، الأشجار والأزهار؛ حتى الجمادات، كل ما في الكون يزاول حركة دائبة
ونشاطاً موصولاً؛ ولكن العمل قد ينحرف فيفقد مزيته وقيمته.
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"
هكذا كان بر "محمد" و"المسيح" بالحياة، ولقد عاشا حياة مترعة بالحب والصدق والعمل.
سلامٌ عليهما
وإنه
لمن الضروري أيضاً أن نبصر موقفهما من السلام وكيف أراداه، وعلى أي صورة
تمثلاه.. معظم الحروب كان لها منطق يبررها ويمنحها المشروعية، باسم الدفاع
عن الأديان، وباسم الحرية وحماية حقوق الإنسان وأشياء أخرى كثيرة.
ولنفهم
موقف كلٍ من "المسيح" و"محمد" من السلام، يجب أن نتأمل أولاً كونهما كانا
مثالاً للرحمة والمسالمة طوال حياتهما، فـ"المسيح" يبشر الودعاء بوراثة
الأرض: "طوبى للوُدَعَاء لأنهم يرثون الأرض".
ويقول أيضاً: "إذا سمعتم بحروب وقلاقل فلا تجزعوا.. لأنه لا بد أن يكون هذا أولاً.. ولكن لا يكون المنتهى سريعاً".
أما موقف "محمد" فهو ذاته موقف "المسيح" في تفضيل السلم والسعي له والنهي عن تكديره.
"من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"
فالحياة
كلٌّ لا يتجزّأ، وأي عدوان على جزء منها هو عدوان عليها جميعاً، ويُسأل
"محمد" عن أفضل الأعمال فيجيب: "بذل السلام للعالم"، ويقول أيضاً: "والذي
نفسي بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا.. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟
أفشوا السلام بينكم".
ولقد كان يأمر أصحابه قبل كل معركة:
"لا
تقتلوا امرأة، ولا شيخاً، ولا وليداً، ولا تحرقوا زرعاً، ولا نخيلاً، ولا
تنهبوا، ولا تمثّلوا بأحد، واجتنبوا الوجوه لا تضربوها".
ولا تزال الدنيا تجد سكينة وأمناً في كلمات المسيح: "سلاماً أترك لكم"، وفي كلمات "محمد".. "كونوا عباد الله إخواناً".
بُشرى إليكم
لقد
أقسم رسول الله "محمد" أن "المسيح" عائد ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ونحن
نؤمن بصدقه، ونؤمن بأن عودة "المسيح" هذه تعني انتصار القيم التي كان
"المسيح" يمثلها، والتي قهر بها الرسول عالم الوثنية والظلام؛ تعني انتصار
الإنسان، وانتصار الحياة تعني سيادة الحب وسيادة السلام.
هذا هو روح العصر الذي يبشّرنا "محمد" بمجيئه، والذي نرقبه صابرين واثقين عاملين.
عصر يتفوق فيه الإيثار والحب ويحمل الناس فيه مسئولية وعيهم وأمانهم ورخائهم..
والواجب الذي سنذكره دوماً كلما ذكرنا "المسيح" و"محمدا" -عليهما السلامً- هو:
• أن نجعل لوجودنا الإنساني حقيقة ومعنى.
• وأن نخصّ الإنسان والحياة بالنصيب الأوفى من تبعات رشدنا.
• وأن يكون سبيلنا لهذا، الحق القوي والمحبة اليقظى.