(-"..؟.."قصة التفاحة"..؟.."-)
يحكى أنه في القرن الأول الهجري عاش شاب تقي يطلب العلم متفرغاً له، ولكنه كان فقيراً. وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع ولم يجد ما يأكله، فانتهى به الطريق إلى أحد البساتين المملوءة بأشجار التفاح، وكان أحد الأغصان متدلياً في الطريق، فحدثته نفسه أن يأكل تفاحة ويسد بها رمقه فلا أحد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحدة!!
فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب عنه جوعه، ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه
(وهذا هو حال المؤمن دائمًا)
جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم، ولم أستأذن منه ولم أستسمحه. فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده
- فقال له الشاب: ياعم، بالأمس بلغ بي الجوع مبلغاً عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وها أنا ذا اليوم استأذنك فيها!!..
- فقال له صاحب البستان: والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل إليه ليسامحه، وأخبره أنه مستعد لعمل أي شي بشرط أن يسامحه ويحلله من التفاحة...
(يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا إصراراً من أجل تفاحة...
يااااااااااااااااااه ه ه ه ...
أين نحن من هؤلاء...)
وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته، وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر. فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لازال واقفاً، ودموعه التي ذرفت على لحيته زادت وجهه نوراً إلى أنوار الطاعة والعلم.
- فقال الشاب لصاحب البستان: ياعم إنني مستعد للعمل فلاحاً في هذا البستان من دون أجر باقي عمري، أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني...
- عندها أطرق صاحب البستان يفكر ثم قال: يابني إنني مستعد لمسامحتك الآن ولكن بشرط...
- فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال: اشرط ما بدى لك ياعم...
- فقال صاحب البستان: شرطي هو أن تتزوج ابنتي...
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط...
- ثم أكمل صاحب البستان قوله: ولكن يابني إعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي منذ زمن، وأنا أبحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها...
صدم الشاب مره اخرى بهذة المصيبة الثانية وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصاً أنه لايزال في مقتبل العمر، وكيف تقوم بشؤونه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات...
بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا ولكن أنجو من ورطة التفاحة في الآخرة...
- ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له: ياعم لقد قبلت ابنتك وأسال الله أن يعوضني خيراً مما أصابني...
- فقال صاحب البستان: حسنا يا بني موعدك يوم الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك، وأنا أتكفل لك بمهرها...
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى حزين الفؤاد منكسر الخاطر... ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه، فلما طرق الباب فتح له أبوها وأدخله البيت وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث،
- قال له يابني: تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير...
وأخذه بيده وذهب به الى الغرفه التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها فإذا فتاة غير الذي وصف صاحب البستان، فقامت ومشت اليه فإذا هي ممشوقة القوام، وسلمت عليه،
- وقالت سلام عليك يازوجي...
أما صاحبنا فقد وقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت الى الارض وهو لا يصدق مايرى ولا يعلم ما الذي حدث، ولماذا قال أبوها ذلك الكلام...
ففهمت مايدور في باله فذهبت اليه وقبلت يده، وقالت:
إنني عمياء من النظر الى الحرام
وبكماء من الكلام في الحرام
وصماء من الاستماع الى الحرام
ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام
وإنني وحيدة أبي ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح، فلما أتيته تستأذنه في التفاحة وتبكي من أجلها قال أبي أن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له حري به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجاً وهنيئاً لأبي بنسبك...
وبعد فترة أنجبت هذه الفتاه من هذا الشاب غلاماً كان من القلائل الذين مروا على هذه الامة...
أتدرون من ذلك الغلام...
إنه الامام الأعظم...
"أبو حنيفة النعمان"
صاحب المذهب الفقهي المشهور...
أسأل الله أن يرزقنا وإياكم مثل تلك التفاحة
قولوا آآآآآآآمين