فالحب لله تبارك وتعالى هو المعرفة بذات الله وصفاته، وحكمته في خلق المخلوقات، يقول الله تبارك وتعالى في الآية الكريمة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
وحتى نعرف كيف نحب الله؛ علينا أن نعرف أولاً كم يحبنا هو جل وعلا؛ فقد خلقنا الله وسخر لنا الكون وكل ما يحيط به من سماء وأرض وبحار وأنهار وطير وحيوان ونبات لمصلحتنا، وجعل لنا رزقه في السماء لا يطاله بشر، كما خَلَقَنا في أحسن تقويم شكلي ونفسي وعقلي... إلخ.
إذن فقد أنعم الله علينا بنِعَم لا تُعدّ ولا تحصى، في مقابل أن نعبده حق عبادته، وهذا هو المفهوم العام؛ ولكن هل العبادة هي الفرائض فقط (الصوم، والصلاة، والزكاة، والحج)؟
لا..لا فهذه الفرائض هي الشكل العملي التطبيقي للعبادة، والشكل النفسي لها هو العقيدة بالتوحيد، وبالخشوع في فعل ما أمر الله، والانتهاء عما نهى، والضلع الثالث والأهم في هذ المثلث هو الأخلاق والتي تظهر في المعاملات حتى أن رسولنا وحبيبنا محمد -صلوات الله وسلامه عليه- قال في حديثه الشريف: "إنما بُعثتُ لأُتَمّم مكارم الأخلاق".
إذن فالعلاقة بين الفرائض والمعاملات مع الله ومع الناس علاقة متضافرة لا تكتمل إلا باكتمال أركانها مصداقاً لحديث رسول الله: "الدين المعاملة".
لذلك فمعرفتنا بنِعَم الله علينا والتي لا تُعدّ ولا تحصى يجعلنا نعرف ما لربنا علينا من حقوق وواجبات؛ أي نعرف الله كما يعرفنا؟ فنتعلم كيف نُرضي الله كما يرضينا، وبمعرفته سنكون حتماً من سعداء الدنيا والآخرة؟
وإذا تفقّهنا في فهم حب الله بالتقرب إليه بما فرض، وجدنا أن الله عز وجل لم يحصل على شيء بالقدر الذي حصل الإنسان عليه؛ فالله غني عن التعريف، وعن كل ما خلق، أما الإنسان فلقد نال بالمعرفة التقوى.
فهل نبدأ في العودة إلى الله؟
ولتكن البداية بالتقرب الذي يصل بنا إلى التقوى، ثم لنتزود من التقوى كلما واتتنا فرصة فنكون ممن أنعم الله عليهم بالبركات في الدنيا والآخرة.
وهذا طريق مبسط لمعرفة الله عز وجل يُمكننا من خلاله تحقيق سعادتنا في الدنيا والآخرة.. فهل نبخل على أنفسنا بهذا؟
وعلى كل منّا الآن أن يسجّل محاولاته ويرسلها لنا لنستفيد منها جميعاً؟ فلنحاول معاً فالأمر ليس صعباً، كل ما يلزمه نية في التغيير إلى الأحسن، والاستعانة بالله الذي بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ولا ننسى دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى".